الدكتور محمود الجندي يكتب عن : زمن الهتيفة


نمر حاليا بأيام الاستعداد للأنتخابات التشريعية سواء لأنتخاب النواب أعضاء (البرلمان مجلس الشعب سابقا) وقد شهدنا منذ فترة انتخابات مجلس الشيوخ ...
وسبحان الله العظيم مقسم الأرزاق. رغم عدم جدوي الأنتخابات لغالبية الناس البسطاء لأن أعضاء الزمن الحالي لا نفع لهم للعوام ولا خدمات يقدمونها للبسطاء مثل نواب زمان لذلك زهد الناس عن المشاركة الأنتخابية إلا ما رحم ربي وتجد محصلة التصويت الحقيقية بالصناديق لا تتعدي العشرين أو الثلاثين بالمائة من عدد الأصوات المسجلة بقوائم الناخبين.. ورغم ذلك نجد هناك سباق محموم ومنافسة بين المرشحين علي إقناع الناس بأنتخابهم ولذلك يلجأون لكل الحيل والوسائل التي تلفت نظر الناس وأهمها اللجوء إلي (الهتيفة) وهؤلاء معروفون بصوتهم العالي الغليظ ووجوههم العكره التي لا دماء فيها ولا حياء،حيث يسير هؤلاء الهتيفة المأجورين خلف المرشح في الشوارع والطرقات والحواري يجمعون الناس بقدر الإمكان حولهم ويدفعون لحوالي من 5إلي 10 أشخاص تابعين لهم في الغالب وذلك لصنع دائرة بشرية مصغرة حول المرشح ليحاط بأناس من حوله للإيحاء للعامة أن هذا المرشح محبوب وله صيت وسر باتع وعقل بارع وفكر ماتع ونفوذ شاسع،بل هو شخصية ولديه كاريزما خارقة، ثم يبدأ الهتاف بدون سابق إنذار من قائد الأوركسترا كبير الهتيفة. مستخدما عبارات مضحكة لي شخصيا مثل(ابن الدايرة،حبيبكم مين ليرد الكورال ب فلان باشا .. وبالروح بالدم هنكمل المشوار، مدد مدد شدي حيلك يا بلد وهاتي الكرسي يا بلد..وان جيت للحق الجندي أحق، والنسر طار وطلع النخلة، ألخ ألخ. ) وفي نهاية الجولة التي تشمل قرية ما أو حي ما يجب عد الفلوس لتوزيعها علي الهتيفة مع التنبيه علي نفس المجموعة بالاستعداد لجولة غدا في الحي الفلاني أو القرية الفلانية مع الوعد إن في وليمة غذاء تشمل ورك دجاحة مع الأرز والخضار ومشروب بارد فاستعدوا من الآن...وهكذا..والشيء المضحك المخجل في نفس الوقت تصادف وجود سرادق عزاء لشخص ما من عامة الناس ومن عائلة فقيرة بسيطة، سبحان الله يتحول هذا العزاء إلي ملتقي للمرشحين جميعا وكل واحد معه فريقه من التابعين والهتيفة وقد ذهبوا لتقديم واجب العزاء في الميت الذي لا يعرفونه ولا يعرفون أهله ولا حتي أن كان الميت رجل أم سيدة،المهم التواجد وتسجيل اللقطة وأن يقول الناس حضر فلان المرشح عن الدائرة ولم يحضر فلان وهكذا،
ومع اقتراب الانتخاب والتصويت والاقتراع تزداد الأجواء سخونة ويرتفع سعر ويومية وأجر الهتيفة لأنهم مطلوبين من مرشحين آخرين، واحيانا يتم الاتفاق علي حشد الناس في سيارات نقل لنقلهم للجان الأنتخابية والاتفاق علي عملية التصويت وكله بالأتفاق يا حبيبي، وهكذا حتي اعلان النتائج،ليجد هذا الهتيف أنه قد جمع مبلغ لا بأس به ليجلس فترة استراحة علي قهوة نتانة ليفكر فيما سيعمل ومن سيلتصق به وكيف يحصل علي الفلوس بالفهلوة والنطاعة والصياعة التي يتخذها نموذج حياة فيما بعد.
خلوا بالكم الهتيفة مأجورين ولا يجب احترامهم لأنهم يزيفون الواقع ويمنعون الناس من قول رأيهم الحقيقي أو تقديم طلباتهم للمرشح لأن كل همهم الهتاف ثم الهتاف بما هو متفق عليه ثم قبض السبوبة والأبيج ، وسلم لي علي اللي بالي بالك يا مثقف انت وهو.